المنتديات الاجتماعية والحركات الاجتماعية في المنطقة العربية
محمد العجاتي
باحث ومدير تنفيذي بمنتدى البدائل العربي للدراسات[1]
تشكل المنتدى الاجتماعي العالمي في يناير 2001، في بورتو اليجري- البرازيل لمناهضة المنتدى الاقتصادي العالمي الذي ينعقد في ديفوس- سويسرا، وكانت بداياته في اجتماع وتظاهرة اعتراضية للمنتدى الاقتصادي المنعقد في يناير 1999، شارك فيه ممثلون عن لاموند ديبلوماتيك، وجمعية أتاك[2]، وحركة برازيليون بلا أرض. وبعد مرور عام، التقي نشطاء من البرازيل، مع مدير مفوضية العدل والسلام، ومدير أطاك الفرنسية، ولاموند ديبلوماتيك ومجموعة من المفكرين منهم المصري "سمير أمين" لمناقشة إمكانيات منتدى موسّع بديل. وأسفرت نقاشاتهم عن 3 أفكار رئيسية؛ أولهم أن المنتدى الوليد يجب أن ينعقد في الجنوب، وبشكل أخص في مدينة بورتو اليجري البرازيلية -بسبب تجربتها الرائدة في الإدارة الشعبية لموارد المدينة- ، كما طرح أسم المنتدى الاجتماعي العالمي بتغيير مفردة واحدة عن اسم الكيان المستهدف "المنتدى الاقتصادي العالمي"، واتفق على أن يتم تنظيمه في ذات الفترة الذي ينعقد فيه اجتماعهم لما لتلك الرمزية من أهمية خاصة على مستوى الإعلامي[3]. ومنذ ذاك الحين وطبيعة هذا المنتدى محل جدل بين النشطاء والمهتمون خاصة في إطار علاقته بالحركات الاجتماعية التي تطورت هي الأخرى في العقد الأخير وساهمت بجهد فعال في تأسيس المنتدى العالمي والمنتديات الإقليمية.
كان من الطبيعي أن تكون المنطقة العربية في قلب الأحداث حيث أنها من المناطق التي تجتاحها سياسات العولمة سواء الاقتصادية أو العسكرية. وتحاول هذه الدراسة الكشف عن حدود وإمكانيات المنتدى الاجتماعي العالمي ومحاولات تشكيل المنتديات الاجتماعية في المنطقة العربية من خلال طبيعتها، علاقتها بالحركات الاجتماعية والإشكاليات التي تواجهها في المرحلة الراهنة[4].
التواجد العربي عن المنتدى الاجتماعي العالمي- نماذج:
لم يغب التواجد العربي عن المنتدى الاجتماعي العالمي فعلى مختلف دورته كانت المشاركة العربية بارزة إما بسبب السياسات النيوليبرالية التي تجتاح المنطقة إقتصاديا وعسكريا أو عن طريق قضايا محددة مثل الحرب على العراق أو جدار الفصل العنصري في فلسطين، أو من خلال مجموعات عربية نشطة شاركت في المنتديات مثل حملة أوقفوا الجدار أو المجموعة المصرية التي شاركت في بورتو اليجري 2005.
- حملة أوقفوا الجدار: التي أسستها الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وقد شاركت في المنتدى الاجتماعي العالمي – بومباي 2004، و استمرت في المشاركات التالية. فقد بدأتالحملة بمبادرة من شبكة المنظمات الفلسطينية غير الحكومية PENGONعبرمؤسساتها التي بدأت بالعمل على الجدار منذ بدايته في أكتوبر 2002، حيث انطلقتالحملة في محاولة لمواجهة جدار الفصل العنصري الذي تقوم إسرائيل ببنائه وفضحالأهداف التي تحاول حكومة الاحتلال تحقيقها من خلاله على حساب الشعب الفلسطينيوأرضه. هدفها الرئيسي هو العمل على وقف الجدار من خلال جمع المعلومات بشكل متواصل عن تداعيات سير العمل فيالجدار لاستخدامها لأغراض الحملة سواء للصحافة والإعلام أو لأغراض الحشد والتضامنأو للتوعية المحلية والخارجية عن الجدار وتداعياته.إن هذا الهدف مرتبط بالنضال ضدالكولونيالية الإسرائيلية، الفصل العنصري والاحتلال. إنه مرتبطة كذلك بالحقوقالوطنية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره[5]. وقد كانت نشطات المجموعة من أكثر النشاطات جذبا للمشاركين في المنتدى، كما ساهمت في تقديم عروض ووثائق للمعنيين بالقضية الخاصة بالجدار أمام محكمة العدل الدولية[6].
- المجموعة المصرية المشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي في دورته الخامسة بورتواليجري 2005: تعد هذه المشاركة نموذجا جيدا، حيث مثلت مجموعة تنوع المجتمع المدني مابين منظمات غير حكومية ومجموعات نشطة ضد العولمة تمثل التوجهات المختلفة للمجتمع المدني الحقوقية والتنموية والثقافية تعمل في تخصصات مختلفة مرأة، عمال، حقوق مدنية....الخ، كما قامت المجموعة بالربط بين القضايا المحلية والإقليمية والدولية مستخدمتا أدوات مختلفة لتوصيل تلك الرسالة التي بلورتها بشكل جماعي، وذلك من خلال أوراق بعنوان "لا لحرب البترول والهيمنة، نعم لحرية الشعوب وثقافة المقاومة"، تم دعوة نشطاء من قارات مختلفة للمشاركة فيها. كما تم تقديم عروض تحت شعار الإنسان قبل الأرباح تجارب مصرية، وقد تناولت العروض قضية عمال مصنع الأسبستوس المضربون آن ذاك، ومخاطر استخدام الأطفال في العمل بالمحاجر في صعيد مصر، وأخيرا خصخصة المؤسسات العامة للرعاية الصحية وأثارها على الحق في الصحة. كما كان هناك أيضا عدد من المعارض، والعروض السينمائية (فيلم باب الشمس للمخرج يسري نصرالله ويدور حول القضية الفلسطينية) وأغاني للشيخ أمام حول سيطرة النظام الرأسمالي والقضية الفلسطينية، وكذلك الدعوة لمسيرات حاشدة ضد الخصخصة والحرب على العراق[7].
و لكن تظل هناك قضايا عالقة ما بين الجانبين لعل أبرزها قضية المقاومة والعنف والحدود الفاصلة ما بينهما، الموقف من المشاركة الإسرائيلية، الموقف من امتلاك السلاح النووي، فجوة التطور الديمقراطي ومناهضة النظم القمعية. إلا أن ما توصلت له هذه القضايا من مواقف توافقية تعبر بشكل كبير عن نجاح لوجهة النظر العربية إلى حد بعيد[8]حيث تبنى المنتدى على مختلف دوراته تأييد المقاومة كمبدأ أساسي في كافة بياناته، كما تم منع رفع العلم الإسرائيلي في أي نشاط رسمي للمنتدى، كذلك تبنت بيانات عديدة دعم نضال الشعوب ضد النظم القمعية[9].
المنتديات العربية محاولات وطنية وإقليمية:
هذا التواجد العربي على المستوى الدولي وفي ظل انتشار المنتديات الإقليمية عبر العالم كان من الطبيعي أن تكون للمنطقة العربية نصيبا من هذه المنتديات حيث أن المنطقة كانت حاضرة منذ اللحظات الأولى للمنتدى العالمي ليس فقط من خلال المؤسسين و المشاركة، وإنما كذلك لما هذه المنطقة من أهمية في سياسات العولمة الذي يضع المنتدى على عاتقة العمل ضدها وطرح بدائل لها. كما لا يمكن إغفال التحركات عبر العالم فيما يخص قضايا المنطقة سواء القضية الفلسطينية أو احتلال العراق في نمو نشاط المنتدى وبلورته على المستوى الفكري. انتشرت محاولات تأسيس منتديات في المنطقة العربية سواء على المستوى الوطني مثل المنتدى الاجتماعي المغربي والمصري والجزائري واليمني.... الخ، أو على المستوى الإقليمي كالمنتدى الاجتماعي العربي والمنتدى الاجتماعي المغاربي، وكذلك كانت هناك محاولات عبر إقليمية وأبرزها المنتدى المتوسطي والمنتدى الأورومتوسطي. إلا انه بنظرة للواقع يمكننا تبين هشاشة هذه المنتديات والتي يمكننا التطرق إلى نماذج منها:
المنتدى الاجتماعي العربي: كان هناك لقاء تحضيريا شهدته القاهرة، ليشهد على إقامة المنتدى الاجتماعي العربي، شهد حضور أعضاء وحركات اجتماعية عديدة في يومي 27- 28 مايو 2003، إلا أنه تم استبعاد بعض الحركات الاجتماعية من تشكيل هذا المنتدى رغم من مشاركتهم في الأعمال التحضيرية التي جرت على هامش أعمال المنتدى الاجتماعي العالمي- مومباي 2003[10]. هذا وقد اجتمع عدد من الحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية بالدول العربية، في القاهرة 6 يناير عام 2005، و تم إصدار البيان التأسيسي للمنتدى الاجتماعي العربي، والذي حمل اسم "مجتمع عربي أفضل ممكن" (مرفق نص البيان التأسيسي وبيانه السياسي- ملحق 3).
المنتدى الاجتماعي المصري: ظهرت فكرة أهمية تشكيل المنتدى الاجتماعي المصري عند المصريين منذ اللحظة الأولى لاجتماعات المنتدى الاجتماعي العربي.وكانت نشأته بالفعل من داخل اللجنة التحضيرية للمنتدى الاجتماعي العربي, إذ تشكلت لجنة تحضيرية للمنتدى الاجتماعي المصري ودعت إلى اجتماع واسع في 9 يناير 2004 حيث جرت حوارات مستفيضة حول المنتدى المصري ودوره وضرورته. وقد أعيد تشكيل اللجنة التحضيرية بصورة مفتوحة ودون حدود أو قيود [11]. وبدأت منذ ذلك التاريخ تمارس دورها وطرح المنتدى المصري قضية عدم الاقتصار على العواصم في النشاط، وبالفعل عقد اجتماعا ناجحا للغاية في محافظة المنيا بصعيد مصر في مايو 2004 حيث تم اللقاء مع لعديد من المنظمات المحلية النشطة والفاعلة، إلا انه منذ ذلك الحين لا يمكننا تتبع نشاط أخر لهذه اللجنة.
المنتدى الاجتماعي المغربي: انعقدت الدورة الأولى في بوزنيقة من 20 إلى 22 ديسمبر 2002 وضمت زهاء 400 مشارك يمثلون جزءا هاما من نسيج الجمعيات المغربية. كما أتاح نقاشجملة قضايا تتعلق بالعولمة النيوليبرالية (الخدمات العامة،التنمية،العسكرة، إلخ) وبكيفية اندماج المغرب بها (مناطق التبادل الحر، منظمة التجارة العالمية،الخصخصة،إلخ) ونتائجها الاجتماعية (البطالة، ، الهجرة، الأمن الغذائي، الصحة،إلخ). وكانالنقاش غنيا بحضور مناضلين من تجارب عالمية أخرى: كلاوديو كاتز من الأرجنتينوداميان ميليه من لجنة إلغاء ديون العالم الثالث، وفتحي الشامخي عن أتاك تونس، كما رفعت شعار موازي لذلك الخاص بالمنتدى العالمي "مغربا آخرممكن"، الأمر الذي انعكس في التقرير الختامي للمنتدى[12] (ملحق 4 التقرير الصادر عن المنتدى في دورته الأولى)
المنتدى الاجتماعي الديمقراطي اليمني: نشئ المنتدى كمؤسسة (تحت التأسيس) في العام 2003 وتم إعلان المنتدى مع بدايات العام 2004م ويشمل المنتدى حتى الآن 30 منظمة وشبكة محلية ومن خلال المشاركة الإقليمية. وخلال الفترة الماضية قام المنتدى بعددً من الندوات وورش العمل والمؤتمرات المحلية والدورات التدريبية محلياً وإقليميا[13]ً.
المنتدى العربي ومثيله المصري تجربة لم تكتمل بل من الأصل لم تتشكل وظلت أوراق أولية ليس لها وجود في الواقع. بينما يعد المنتدى المغربي هو الاستثناء حيث ينعقد بشكل منتظم منذ عام 2002 وإن ظل مردودة المجتمعي محدودا مقارنة بمثيلته في الغرب لاختلاف السياقات ومستوى تتطور الحركات، أما المنتدى اليمني فيعد نموذج غريبا ليس فقط في المنطقة العربية بل على المستوى لعالمي فما هو إلا منظمة مجتمع مدني لا علاقة لها من حيث الهيكل أو النشاط بالمنتديات، تظل العلاقة الوحيدة هي تتبنيه وثيقة المنتدى.
المنتديات العربية، إشكاليات موضوعية وذاتية:
يمكننا إرجاع الوضع المتردي للمنتديات العربية لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية كما يمكن فصل الأسباب المتعلقة بعلاقة هذه المنتديات بالحركة الفاعلة -فيها أو التي يجب أن تكون كذلك- وهي الحركات الاجتماعية في المنطقة العربية.
وتتمثل الأسباب الذاتية في تركيز عملية بناء هذه المنتديات على تشكيل هياكل عليا بدلا من آليات عمل فعالة يكون من شأنها بلورة هيكل مناسب وإفراز كوادر حقيقية جديدة نابعة من الواقع قادر على أن يحرك المنتدى وليس هيكل رئسي يبدأ بالصراع على الزعامة بين باحثين عن أدوار أو تمويلات بدلا من مناضلين حقيقيين يرغبون في إحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع. كما أن هناك اختلاف واضح ما بين هذه الحركات في الغرب من حيث القدرة على تقبل بعضها البعض وبين الوضع في المنطقة العربية المتمثل في وجود تيارات متصارعة داخل هذه الحركة في المنطقة العربية ما بين إسلاميين وقوميين ويساريين، يصل إلى حد نفي كل طرف للأخر بل أن فئات كبيرة من بين هذه التيارات ترى في الغرب ككل بقيمه ومبادئه عدوا مما يعوق فكرة المنتديات الإقليمية كجزء من منظومة المنتديات العالمية.
أما الأسباب الموضوعية فتبرز في ضيق هامش الديمقراطية والحريات في المنطقة، وهو معوق أساسي في إمكانيات بناء أي حركات شعبية بما تفرضه من قيود و تعسف تجاه النشطاء في هذا المجال. فالمغرب الذي يعتبره بعض المحللين العرب من الدول الأكثر تقدما على المستوى الديمقراطي في المنطقة العربية رفضت استضافة المنتدى الاجتماعي العالمي لعام 2007، كما شهدت في العام الأخير ملاحقة لنشطاء حركة مناهضة العولمة أتاك المغرب بل أن بعضهم ما زال في غياهب السجون حتى الآن.
كما أن هذه الوضعية تأثر بشدة على ظروف المنظمات غير الحكومية والتي قد يكون بعضها غير حكومي بحق, والبعض الأخر حكومي تحت لافتة الغير حكومية ويرجع ذلك في الأساس إلى سيادة الأنظمة الشمولية, وأنظمة لا تقبل بالآخر ولا بالتعددية. كما أن القوى الاستعمارية, وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية, ترى في نقطة الضعف هذه ثغرة تحاول النفاذ منها مرتدية ثوب الحزين على افتقاد الديمقراطية, والساعي إلى تحقيقها والحقيقة أننا نرفض وبشدة هذا التدخل , فالنضال من أجل الديمقراطية في بلادنا يمتد عشرات السنوات إلى الوراء قبل تحقيق الاستقلال نضال من أجل الثورة الوطنية الديمقراطية . ثم بعد الاستقلال لمواجهة انفراد البرجوازيات الحاكمة بمكاسب الاستقلال ومن هنا فإننا نرفض التدخل الأمريكي ونصر على مواصلة نضالنا لتكون الديمقراطية هي ما نراه نحن لا ما يراه الإمبرياليون والصهاينة[14].
إذا أضفنا هذه الوضعية على الأسباب الذاتية التي سبق الحديث عنها نجد هذه البني منفصلة عن الفئات المتضررة من سياسات العولمة وتختفي تماما هذه الفئات من أوراقها أو من عملية البناء الخاصة بهذه المنتديات. كما تمثل العلاقة بين المنتديات العربية وحركة مناهضة العولمة في المنطقة إشكالية هامة في بناء هذه المنتديات وهو ما سنتطرق له في الجزء القادم.
المنتديات والحركة الاجتماعية في المنطقة العربية:
برغم من كل الإشكاليات السابقة يظل العائق الأساسي أمام بناء المنتديات في المنطقة العربية هو ضعف الحركات الاجتماعية في المنطقة. فالحركات التي نراها على الساحة مازالت حركات ناشئة غير متواصلة يمكننا أن نطلق عليها حركات احتجاجية و ليست حركات اجتماعية، كما أن العلاقة بين هذه الحركات والمجموعات المنظمة التي تعمل بشكل منهجي لمناهضة العولمة شبه منعدمة.
كما أن مجموعات مناهضة العولمة في المنطقة في معظمها عازفة عن المشاركة في بناء منتديات محلية أو الإقليمية وتكتفي بمشاركة على حياء في بعض الأنشطة أو الاجتماعات التي تعقد في هذا الإطار بينما لا تضع في أجندتها هذه لمهمة كمهمة ملحة، وهو نتاج لفجوة التوقعات التي سبق الحديث عنها في التحديات التي تواجه المنتدى العالمي، حيث أن كثير من الراغبون أو الساعون لعملية التغيير أو الإصلاح في المنطقة قد وضعوا أملا عريضة على فكرة المنتدى أكثر مما يتحمل وأكثر من الدور المنوط.
وإن ظلت بعض المجموعات نشطة في عملها سواء على مستوى الإصدارات النظرية التي تساهم في النقاش الفكري داخل الحركة ولعل أبرزها نشرة "البديل"[15] التي تصدرها مجموعة "نشطوا مناهضة العولمة في سوريا". أو على مستوى الأنشطة التوعوية والتثقيفية والتي تبرز فيها "أطاك" المغرب مثل
الجامعة الربيعية- وهي الجامعة التعليمية التي تنظم برامج في مواجهة السياسات النيوليبرالية، وتعقد بشكل منتظم كل عام منذ عام 2005 بمدينة أغادير، وتخدم كثيرا من المناضلين الشباب من كافة التنويعات والتشكيلات السياسية الموجودة في المجتمع ، وتخرج أجيال جديدة تدفع بهم في حركة مناهضة العولمة كل عام[16]. أو على المستوى الاحتجاجي كما في حالة " أجيج" المجموعة المصرية لمناهضة العولمة والتي نظمت احتجاجات ضد اتفاقية الكويز من خلال إصدار كتيب وتنظيم تظاهرة وكتابة مقالات في الصحف المصرية. أو في مواجهة دافوس الإقليمي والذي أنعقد في شرم الشيخ في 2006 فعقدت المجموعة بشكل موازي في القاهرة مؤتمر موازي قام بالتركيز على الشهادات الحية للفئات المتضررة من تلك السياسات[17](بيان أجيج- ملحق 5)
المنتدى العالمي والحركة في المنطقة العربية – نظرة مستقبلية:
- إن التعويل على المنتدى الاجتماعي العالمي كأساس للحركة هو تحليل غير دقيق لطبيعة المنتدى، وقد ينعكس سلبيا في الواقع حيث ستؤدي هذه الرؤية إلى فجوة توقعات لدي المشاركين فيه من شأنها أن تقودهم إلى حالة من الإحباط والعزوف عن فكرة المنتديات. بينما الحقيقة التي يجب إدراكها أن المتغير الرئيسي هو الحركات الاجتماعية فحركة مناهضة العولمة على سبيل المثال ليست مجرد رافد في المنتدى بل هي جامع لعناصر شتى تمثل أساس المنتدى فهي الآلية الحقيقية بينما المنتدى في هذه الحالة يجب النظر إليه كنشاط أو حدث أو احد حلقات هذه الآلية. كما يواجه المنتدى العالمي والمنتديات المنبثقة منه حاليا تحدي خطير والمتمثل في طغيان المؤسسات التنموية على حساب الحركات النضالية. وليتمكن المنتدى من تجاوز هذه الأزمة فأنه يحتاج إلى مزيد من التنظيم مع الحفاظ على طابعه التنوعي الديمقراطي، بمعنى تبني تنظيم أفقي مرن يسمح بتحديد رؤى عامة يعطى في ضوءها مساحات للحركة للأطراف المختلفة، وذلك من خلال القيادة التاريخية التي ساهمت في خلق المنتدى وبلورة رؤيته، ويكون دورها متابعة والتأكد من التزام المنتدى برسالته، مع تجديد في هذه القيادة بشكل منهجي يضمن الحفاظ على هذه الرسالة.
- إن التفاعل البيني العربي هو أضعف وأقل كفاءة من التفاعل العربي الدولي وإن كان الأخير مازال محدودا، على مستوى النشطات إلا انه أكثر كفأه. وعليه يجب إيجاد مساحة أوسع من التفاعل سواء الإلكتروني[18] أو على مستوى الأنشطة عبر الوطنية ما بين النشطاء في المنطقة بغرض تكوين كتله مرنه متنوعة تعطي دفعة للتواجد العربي كميا وكيفيا في المنتدى العالمي والمنتديات الدولية، سواء على مستوى المشاركة أو على مستوى الحملات المعنية بها المنطقة. كما يمكن لهذه الآلية أن تشكل لبنة أولى للمنتدى عربي حيث يمكن من خلالها تشكيل مجموعة من المنتديات النوعية الوطنية أو الإقليمية كنواة لهذا المنتدى المتعثر. وقد تم الاعتراف والمشروعية لتلك المنتديات العالمية باعتبارها هي ساحة وفضاء للتلاقي والتعبير الصريح عن المطالب بشكل جمعي، ولكن على مستوي المنتديات الإقليمية/ والوطنية، يجب أن يكون المنطق المطروح نضالي أكثر منه تنظيمي- فالصورة لابد أن تكون في وضعها السليم، وهو أن تلك المنتديات نشأت من أجل حاجة فرضتها الوقائع المادية والتفاصيل الحياتية اليومية، والتي يجب هنا أن تساهم في حلها تلك المنتديات، وهو ما يفرض نفسه أولا قبل البدء في التفكير، في الشكل الأنسب للتنظيم وهيكليته. فضلا عن إن كثير من الحركات الاجتماعية تتسم بالاستقلالية والفردية في الأداء، وتلك الحركات كثيرا ما تحافظ على فرديتها واستقلالها، وتهاب أو بالأحرى ترفض أي شكل من أشكال الاحتواء التنظيمي الذي يفقدها استقلاليتها وفعاليتها في المقابل، وهو ما يجعل المنتديات النوعية أكثر تناسبا مع واقعنا العربي.
- المنتدى النوعي القائم على تحديد الموضوع مثل، المنتدى العالمي المعني بالديمقراطية، حقوق الإنسان، الحرب، تجارة المخدرات. والذي أنعقد في كولومبيا، وركز بشكل أساسي على الموضوعات الأخيرة المطروحة، وذلك في يونيه عام 2006، وكان من المنتظر له أن يناقش مثل تلك القضايا على المستوي العالمي، ولكنه عقد في كولومبيا، ليكون في قلب الحدث/ المشكلة، ليكون ليس فقط نبراسا للتضامن ولكن لفتح فضاء للتناظر على قضايا تبدو محرمة وتشكل خطرا لمناقشتها في كولومبيا نفسها[19]. وهذه النوعية هي الأنسب في المنطقة، فهي أقدر على تجاوز إشكاليات عدة منها التركيز على الهياكل فهي بطبيعتها مرتبطة بقضية محددة، تشتبك بشكل طبيعي مع الفئات المتضررة أو صاحبة المصلحة، كما تلعب دورا في تنشيط الحركة المرتبطة بها، وتذيب جذور الخلاف وتقوم بعملية فرز حقيقية بين الأطراف المختلفة داخلها. وهو ما من شأنه إفراز قيادات جديدة نابعة من الواقع وليست قيادات قديمة لم تنجح في البناء تاريخيا لأسباب ذاتية أكثر منها موضوعية . كما يمكن لهذه الآلية على المدى البعيد أن تكون هياكل مرنه لهذه المنتديات ترى في مصلحتها التوحد في لحظة تاريخية لتنتج منتديات أوسع وطنية أو أقليمية نابعة من الواقع وليست مفروضة من أعلى، ترتبط عضويا بالحركات النوعية الناشئة في منطقتنا التي تنطلق من هدف محدد، أو حتى عدة أهداف قد تكون سياسيةً أو اقتصاديةً أو بيئيةً. وهنا تندرج تلقائيا الحركات الحقوقية وحركات البيئة وحركات التضامن وحركات الحقوق المدنية والحركات الداعية إلى الحريات[20].
ملحق 1- ميثاق المنتدى الاجتماعي العالمي:
ترى لجنة المنظمات البرازيلية, وبعد تقييم نتائج المنتدى والتوقعات التي أثارها المجتمعون فيه , أنه بات من الضروري ومن المشروع أن تنشئ ميثاقا للمبادئ ليكون دليلا لهذه المبادرة في سعيها المستمر. وبينما تمثل المبادئ التي يتضمنها الميثاق – والتي يتوجب احترامها من كل هؤلاء الذين يرغبون في المشاركة في هذه العملية بالإضافة إلى تنظيم أشكال جديدة من المنتدى الاجتماعي العالمي - تجميع متكامل للقرارات التي سادت المنتدى المقام في بورتو اليجرى , وأكدت نجاحه , إلا أن الميثاق يوسع من آفاق تلك القرارات ويرسم توجهات مستمدة من منطقها.
1. المنتدى الاجتماعي العالمي مكان التقاء مفتوح:
· للتفكير المتفاعل, والحوار الديمقراطي للأفكار
· لصياغة المقترحات, والتبادل الحر للخبرات
· لعقد الصلات من اجل النشاط المؤثر.
مكان تتلقى فيه جماعات وحركات المجتمع المدني , التي تناهض:
· الليبرالية الجديدة
· سيطرة رأس المال على العالم
· أي شكل من أشكال الامبريالية
تلك الجماعات والحركات التي:
· تنتمي إلى بناء مجتمع يشمل كوكب الأرض كله
· تتوجه نحو إقامة علاقات مثمرة بين الإنسان والإنسان, وبينه وبين الأرض.
2. المنتدى الاجتماعي العالمي, المنعقد في بورتو اليجرى, هو حدث محدود في الزمان والمكان. ومن الآن فصاعدا , وانطلاقا من اليقين المعلن في بورتو اليجرى, من أن " في استطاعتنا إقامة عالم مختلف" , يصبح المنتدى الاجتماعي العالمي عملية مستمرة تبحث عن وتبنى البدائل , ولا يمكن اختزاله (المنتدى) فيما يقع من مناسبات أو وقائع تدعمه.
3. المنتدى الاجتماعي العالمي, هو عملية يقوم بها العالم (عملية عالمية). فكل اللقاءات التي تقام, كجزء من هذه العملية, تكون ذات بعد دولي.
4. تقف كل البدائل المقترحة في المنتدى الاجتماعي العالمي في مواجهة ضد عملية العولمة التي تقودها الشركات الكبيرة المتعددة القوميات والهيئات الحكومية والدولية التي تخدم مصالح هذه الشركات بموالسة الحكومات القومية. وتم صياغة هذه البدائل لتؤكد أن عولمة الجموع المتضامنة هي التي سوف تسود كمرحلة جديدة في تاريخ العالم. عولمة تحترم حقوق الإنسان في عمومها - حقوق كل المواطنين (المرأة والرجل) حقوق كل الأمم – حقوق البيئة. عولمة تتأسس على أنظمة ديمقراطية دولية ومؤسسات في خدمة العدل الاجتماعي والمساواة وسلطة الشعوب.
5. يجمع المنتدى الاجتماعي العالمي معا ويخلق الصلات بين منظمات وحركات المجتمع المدني من كل الأوطان في العالم ولكنه مع ذلك يتعمد ألا يكون هيئة تمثل المجتمع المدني العالمي.
6. لا يتعمد المنتدى الاجتماعي العالمي أن يكون منظمة. لذلك لن يفوض أيا من كان - مستفيدا من أي شكل من أشكال المنتدى - أن يدعى منصبا يمثل كل المشاركين في المنتدى. لن يستدعى المشاركون في المنتدى:
· لاتخاذ قرارات باعتبارهم هيئة سواء عن طريق التصويت أو الإجماع لإعلان مواقف
· أو تقديم مقترحات خاصة بعمل يلتزم به جميع المشاركين أو الأغلبية منهم ,
· أو قرارات يبدو منها أنها مواقف تأسيسية للمنتدى كمنظمة.
لذلك لا يشكل المنتدى موقع سلطة يتنازع المشاركون على اعتلاؤه أثناء لقاءاتهم ولن يدعى انه يشكل الاختيار الوحيد للتفاعل والحركة بين منظمات وحركات المشاركين فيه.
7. وبالرغم مما هو وارد أعلاه فالجماعات المشاركة في المنتدى أو عدد منها يجب أن تتأكد من أن لها الحق أثناء لقاءات المنتدى أن تسعى إلى إصدار بيانات أو إلى التحرك الذي قد تقرره سواء بمفردها أو بالتنسيق مع جماعات أخرى مشاركة. يتكفل المنتدى الاجتماعي العالمي بنشر وتوزيع مثل هذه القرارات على أوسع نطاق بكل الوسائل المتاحة له , دون خضوعها لتوجيهات منه أو رفعها إلى مستويات أعلى أو إخضاعها لرقابة أو حظرها ولكن كما تقرر الجماعة أو مجموعة الجماعات التي صدرت منها هذه القرارات.
8. المنتدى الاجتماعي العالمي هو محتوى تعددي متنوع غير عقائدي غير حزبي , يوطد الصلات بأشكال غير مركزية بين المنظمات والحركات المنغمسة في نشاط ملموس سواء كان محليا أم عالميا مستهدفا بناء عالم مختلف.
9. سوف يظل المنتدى الاجتماعي العالمي دائما منتدى منفتح للتعددية وللتعدد في الأنشطة وفى أساليب العمل التي تختارها المنظمات والحركات التي تشارك بها وفيها بالإضافة إلى السماح بالتعدد في النوع والعرق والثقافة والأجيال والقدرات الطبيعية بشرط الالتزام بمبادئ هذا الميثاق. لن يشارك في هذا المنتدى أي منظمة حزبية أو منظمة عسكرية. القادة الحكوميون أو أعضاء الأجهزة التشريعية الذين يقبلون بالتزامات هذا الميثاق قد تتم دعوتهم إلى المشاركة على أساس من قيمتهم الشخصية.
10. يعارض المنتدى الاجتماعي العالمي:
· كل أنصار الشمولية
· وكل من يختزل الرؤى إلى اقتصاد أو تنمية أو تاريخ
· وكل من يستخدم العنف كأدوات تحكم اجتماعي بواسطة الدولة.
إنها تتمسك بقوة باحترامها لحقوق الإنسان والممارسة الحقيقية للديمقراطية ديمقراطية المشاركة والعلاقات السلمية في مساواة وتضامن بين الناس على اختلاف أعراقهم وأنواعهم وشعوبهم وتدين كل أشكال السيطرة وخضوع شخص لآخر.
11. باعتباره منتدى للحوار , المنتدى الاجتماعي العالمي حركة من الأفكار التي ينطلق منها البحث - والتي تقوم بشفافية كاملة بنشر وتدوير نتائج هذا البحث - في آليات وأدوات السيطرة التي يسعى إليها رأس المال وكذلك التفكير في الوسائل والنشاط الذي يقاوم ويقهر هذه السيطرة والتفكير في البدائل المقترحة لحل مشكلات الاستبعاد وعدم المساواة التي تخلقها عملية العولمة الرأسمالية بكل أبعادها العنصرية والجنسية والمدمرة للبيئة سواء عالميا أو داخل الدول.
12. يشجع المنتدى الاجتماعي العالمي – ككونه إطار عمل لتبادل الخبرات – الفهم والمعرفة المتبادلة بين المنظمات والحركات المشاركة ويعطى مكانة خاصة لقيمة التبادل فيما بيتهم وخصوصا فيما يقوم به المجتمع لتركيز الأنشطة الاقتصادية والحركة السياسية في خدمة تحقيق احتياجات الشعب واحترام الطبيعة في الحاضر ومن اجل الأجيال القادمة.
13. يبحث المنتدى الاجتماعي العالمي - كمضمون لعقد أواصر العلاقات – عن وسائل توطيد الصلات وخلق صلات جديدة إقليمية ودولية بين منظمات وحركات المجتمع حتى تزيد من قدرة المقاومة الاجتماعية غير المسلحة ضد عملية نزع إنسانية العالم التي تجرى حاليا وضد العنف الذي تستعمله الدولة , وكذلك عن وسائل تدعيم الإجراءات الإنسانية التي تتخذها هذه المنظمات والحركات.
14. المنتدى الاجتماعي العالمي هو عملية تقوم بتشجيع المنظمات والحركات المشاركة في طرح نشاطهم المحلى أو القومي وتشجعهم على البحث عن مشاركة فعالة عالمية المضمون لقضايا مثل قضايا المواطنة العالمية وتضع في جدول الأعمال العالمي الممارسات التي يجربونها للحض على هذا التغيير لبناء عالم جديد نتضامن فيه كلنا.
تم التصديق عليه وإقراره في ساو باولو بتاريخ 9 ابريل 2001 من قبل المنظمات التي تشكل اللجنة المنظمة للمنتدى الاجتماعي العالمي، وتم التصديق عليه مع تعديلات من قبل الهيئة الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي بتاريخ 10 يونيو 2001
الملحق 2: تقرير حول اجتماع بيروت لمناهضة العولمة وضد الحرب:
حول إستراتيجية حركة مناهضة الحرب و العولمة
بيروت 17-19 سبتمبر
في الذكرى الثانية والعشرين لانطلاقة مقاومة الشعب اللبناني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي ذكرى مجازر صبرا وشتيلا، أنعقد في بيروت خلال الفترة من 17 إلى 19 سبتمبر اجتماع للحركات العالمية لمناهضة الحرب والعولمة في محاولة جادة لوضع إستراتيجية للحركة عالميا خلال الفترة المقبلة .
وقد شارك في الاجتماع ما يقرب من 300 نشط من 54 دولة ليستكملوا ما كان قد بدأته مجموعة منهم في جاكرتا العام الماضي. شارك من مصر 14 نشط ممثلون لثمانية حركات اجتماعية ومؤسسات من المجتمع المدني وجاءت المشاركة المصرية على درجة عالية من الفاعلية سواء من خلال الكلمات، والمقترحات أو من خلال التواجد في مجموعات العمل ولجنة الصياغة للبيان الختامي.
بداء الاجتماع بالتسجيل وكلمات الترحيب تلتها كلمات حول تجربة النضال اللبناني من جانب ممثلون للتيارات السياسية اللبنانية المختلفة صاحبها زيارة للمشاركين لمخيم صبرا وشتيلا، ثم حوار مفتوح حول نقاط القوة والضعف، العوائق والفرص التي تواجه الحركة. ثم انقسم المشاركون إلى ثلاث مجموعات عمل الأولى حول القضية الفلسطينية، والثانية حول القضية العراقية، والثالثة حول العولمة الاقتصادية والقواعد الأمريكية.وقد خلصت كل مجموعة إلى حملة دولية في المجال الذي تناولته يتضمن مجموعة من الأنشطة. وقد وضح خلال المناقشات التي دارت داخل المؤتمر ومجموعات العمل أن الحلقة الأقوى والأوضح لمناهضة الاحتلال والعولمة هي القضية الفلسطينية وقد تم الاتفاق على شن حملة دولية ضد الفصل العنصري الإسرائيلي تتضمن مسيرة إلى مدينة رفح المصرية تضامنا مع الشعب الفلسطيني في حصاره الدائم وتم اقتراح يوم 12 ديسمبر الذي يوافق ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لهذه المسيرة والتي تم الاتفاق على أن يدعى لها عدد من الشخصيات العامة والمرموقة في مصر والمنطقة العربية والعالم. كما تم الاتفاق على ضرورة العمل عربيا على توثيق فكرة الصهيونية كأيديولوجية عنصرية لزيادة الوعي الغربي بهذه القضية كخطوة أولى لمحاولة الضغط على الحكومات لإعادة استصدار قرار الأمم المتحدة الذي يسوى بين الصهيونية والعنصرية، بالإضافة إلي قضايا محددة يتم العمل عليها كالسلاح النووي الإسرائيلي وجدار الفصل العنصري، وتم تشكيل مجموعة عمل دولية مفتوحة للتنسيق لهذه الحملة. وتهدف الحملة الخاصة بالقضية الفلسطينية إلى فرض حصار على إسرائيل على غرار تجربة جنوب أفريقيا، تظل الإشكالية الباقية للعمل من خلال الحركة فيما يخص القضية الفلسطينية هي البعد الخاص بالفهم الغربي لطبيعة الدولة الصهيونية فالاتفاق على أن الممارسات الإسرائيلية هي ممارسات عنصرية إلا أن الخلاف حول جوهر الدولة في حد ذاته ما زال قائما.
أما العولمة الاقتصادية والقواعد الأمريكية فقد أقرت مجموعة العمل استكمال خريطة عالمية لأماكن تواجد القواعد العسكرية الأمريكية في العالم واستخدام الصحافة لمهاجمة هذه القواعد ودورها في دعم الإمبريالية الأمريكية، كما أقرت ضرورة العمل ضد الاحتكارات الدولية وإهدارها لمبادئ المساواة والعدالة وانتهاج وسائل المقاطعة لهذه الشركات. وإن ظلت هذه الحملة تفتقد لآليات دقيقة للتحرك أو أجندة عمل على غرار تلك التي خرجت بها الحملة الخاصة بفلسطين. و تأتي المجموعة الثالثة لتمثل الإشكالية الحقيقية في المؤتمر وهي تلك التي عملت على حملة دولية ضد احتلال العراق حيث إثارة طبيعة المقاومة خاصة عمليات الاختطاف جدلا واسع في المؤتمر خاصة في ظل مشاركة زملاء للفتاتين الإيطاليتين المختطفتين في العراق في أعمال المؤتمر، كما أثارت رغبة بعض المشاركين من العراق في توفير شرعية عالمية لهم كمقاومة سياسية للاحتلال تحفظ معظم المشاركين. و قد توصل المؤتمر إلى دعم حق الشعب العراقي في مقاومة الاحتلال ودعا إلى الانسحاب غير المشروط للقوات الأمريكية وقوات التحالف من العراق، وأعلن المؤتمر استعداده لدعم المقاومة السياسية للاحتلال بكافة أشكالها وتنظيماتها، كما تبنى العمل من خلال هيئة دولية من المحامين من داخل العراق وخارجها للدفاع عن المعتقلين السياسيين العراقيين...وللتغلب على الإشكاليات التي واجهت العمل في هذه القضية أصدر المؤتمر نداء لتوضيح موقف الرهينتان الإيطاليتان يتضمن دعوة لإطلاق صرحاهما.
من الجدير بالذكر أن الفقرة قبل الأخيرة للبيان الختامي جاءت كمؤشر لإستراتيجية جديدة للحركة في غاية الأهمية للمنطقة العربية إذ أعربت تلك الفقرة عن تضامن الحركة مع نضال شعوب المنطقة العربية من اجل الديمقراطية والحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية في مواجهة قمع الديكتاتوريات...فهل سنستطيع في منطقتنا العربية الاستفادة من هذا التضامن؟
ملحق 3- بيان تأسيس المنتدى الاجتماعي العربي وبيانه السياسي:
مجتمع عربي أفضل ممكن
القاهرة 6 يناير (كانون الثاني) 2005
نعلن نحن ممثلي منظمات وحركات اجتماعية من البلدان العربية المجتمعين في القاهرة في الفترة 4 – 6 يناير 2005 اتفاقنا على تشكيل المنتدى الاجتماعي العربي ليكون إطارا لتجميع وترابط منظمات وحركات المجتمع المدني في نشاطها ضد هجمة الليبرالية الجديدة على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعوب، وبشكل خاص أشكال عسكرة العولمة وسعيها لفرض هيمنة الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية المتحالفة مع الصهيونية العالمية على الوطن العربي، بكل ما يرتبط بسياسات الهيمنة تلك من احتلال واعتداءات إجرامية وجرائم حرب، وبشكل خاص في العراق وفلسطين، وتهديدات مباشرة أو غير مباشرة للشعوب العربية الأخرى.
إن هذا الإعلان يأتي تتويجا لجهود عربية شارك فيها المؤسسون استمرت ثلاثة أعوام وتضمنت اجتماع القاهرة في 2003 وإعلان مومباي في إطار المنتدى الاجتماعي العالمي في يناير 2004 والذي تشكلت في إطاره اللجنة التحضيرية للمنتدى الاجتماعي العربي وتوسعت في مايو 2004 في القاهرة.
وقد أقر المجتمعون في القاهرة لائحة مبادئ المنتدى الاجتماعي العربي والتي تتضمن الأسس الموجهة لنشاطه باعتباره ساحة مفتوحة لمجموعات وحركات المجتمع المدني العربي من أجل تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي باعتباره قاعدة أساسية لمناهضة الليبرالية الجديدة ولهيمنة الرأسمالية المتوحشة على العالم. وتضمنت لائحة المبادئ الأسس الضرورية لعمل المنتدى الاجتماعي العربي على أسس ديمقراطية تتوافق مع المبادئ المعمول بها في المنتدى الاجتماعي العالمي.
ويعتبر المؤسسون أن إعلان المنتدى الاجتماعي العربي ضرورة تفرضها الظروف الموضوعية المتمثلة في هجمة الليبرالية الجديدة والامبريالية والصهيونية والتي اتخذت من المنطقة العربية بالذات ساحة أساسية لفرض مشروعها بالقوة العسكرية، في وقت ظهر فيه واضحا ضعف الأنظمة العربية الرسمية وعجزها عن التعامل مع هذه التحديات الخطيرة في ظل الاستبداد والفساد وغياب النظام الديمقراطي والإرادة والمشاركة الشعبية للجماهير. وبالتالي فإن استنهاض دور الشعوب العربية في مواجهة الاعتداء على سيادتها، بما في ذلك مشاركة مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية الشعبية من الدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مواجهة هذا الهجوم يظل مهمة عاجلة.
وإذا كان المنتدى الاجتماعي العربي يواجه بذلك مهاما ضخمة للغاية، فإننا تعتبر التأسيس هو دعوة مفتوحة لكل المنظمات المدنية والحركات الاجتماعية سواء في البلدان المشاركة في التأسيس أو تلك التي لم تشترك بعد للمساهمة في المنتدى على قدم المساواة مع المؤسسين. كما أننا نعتبر أن هذا الإعلان هو إضافة لحركة المنتديات الاجتماعية وحلقة وصل بين المنتديين الاجتماعي الآسيوي والأفريقي، ورابطة ضرورية بين المناضلين العرب من أجل عمل عربي مشترك متضامن يأخذ بالاعتبار الخصوصية العربية والقضايا الخاصة بالعالم والشعوب العربية ضد الهيمنة الأمريكية والاستبداد الرأسمالي وبين كافة أحرار ومناضلي العالم ضد الليبرالية الجديدة.
البيان السياسي:
بمناسبة انعقاد الاجتماع التأسيسي للمنتدى الاجتماعي العربي
توافق المجتمعون على إصدار البيان التالي
القاهرة 4 – 6 يناير (كانون الثاني) 2005
تعاني الشعوب العربية معاناة كبيرة من إملاءات العولمة الليبرالية الجديدة التي سخرت المؤسسات المالية الدولية لفرض برامج التثبيت والتكيف الهيكلي التي استهدفت إزاحة الدول – القومية من الحياة الاقتصادية وإعفاءها من مسئولياتها الاجتماعية، وعرقلة عملية التنمية الوطنية لصالح فتح الأسواق العربية أمام السلع والخدمات ورؤوس الأموال القادمة من المراكز الرأسمالية الكبرى، وقد أفضى هذا إلى حدوث اختلالات هيكلية كبرى على كافة الأصعدة، مثل تفاقم الديون الاحتيالية، وتفكيك القاعدة الصناعية والزراعية والخدمية في البلدان العربية، واتساع البطالة والفقر والتضخم والفساد وحرمان الإنسان العربي من حقوقه الأساسية في التعليم والصحة والعمل والفرص الاقتصادية المتكافئة.
ولم يكن غريباً أن تقف قوى العولمة الرأسمالية الجديدة من دول كبرى وشركات متعدية القوميات ومؤسسات مالية وتجارية دولية، داعمة بشكل مباشر وغير مباشر لنظم حكم قمعية وفاسدة باعتبارها القادرة على كبح الحركات الاجتماعية المناهضة للاستغلال الرأسمالي العالمي ولبرامج التكيف ذات التكاليف الاجتماعية الباهظة ولاستنزاف الثروات الطبيعية وتدمير البيئة لصالح تعظيم أرباح رأس المال، ولمحاولات طمس الهويات الثقافية الوطنية وفرض نظم إقليمية جديدة لا تعترف بحقائق الجغرافيا السياسية وتسعى إلى تطويع البلدان العربية في منظومة إعادة ترتيب الوطن العربي وفق احتياجات الامبريالية العالمية واستراتيجياتها العدوانية.
وقد أصبح الوطن العربي في السنوات الأخيرة أرض اختبار ميداني ونقطة انطلاق لتمدد الإمبراطورية الأمريكية التي يحلم بها أصحاب الشركات الاحتكارية والعنصريون في تيار المحافظين الجدد بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءهم وتوابعهم وأدواتهم في المنطقة، وبخاصة الاستيطان والتوسع العنصري "إسرائيل"، وسماسرة النفوذ الإمبريالي من نخب عسكرية وإقطاعية وسياسية ومالية، وحتى ثقافية معادية للشعب في البلدان العربية.
غير أن البلدان العربية لا تتعرض فقط لأخطار خارجية، وإنما تواجه بالمثل مخاطر داخلية يؤججها ويستثمرها أولئك المهيمنون على مقاليد العولمة الراهنة. وفي مقدمتها تلك المشكلات الخاصة بالأقليات العرقية والقومية والدينية، حيث تحاول دوائر الرجعية العالمية استغلال تلك المشكلات لإبعاد جماعات بأكملها عن التمسك بالحل الديمقراطي في إطار النسيج المجتمعي الواحد، ومن ثم الإضرار بقضايا الأقليات ذاتها، وتعميق الانقسامات. ولا شك أن التأكيد على حقوق المواطنة وعدم التفرقة بين جماعة أو أخرى هو من أهم السبل الحفاظ على وحدة المجتمعات، ناهيك عن مقاومة هجمة العولمة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع الطبقات والجماعات.
كما أن غلق قنوات المشاركة السياسية في البلدان العربية واحتكار القلة لصنع السياسات واتخاذ القرارات، هو الذي يعوق تفعيل المشاركة الشعبية في مواجهة العولمة المتوحشة والهيمنة والإملاءات الخارجية، بل يدفع بعض القطاعات الواقعة في دائرة اليأس إلى توهم حلول آتية من الخارج رغم أنها ستكون بالتأكيد أكثر قسوة واستغلالا وتمزيقا لوحدة الأوطان.
كما يبدو واضحا أن الفساد هو صنو الاستبداد، فكل منها سبب ونتيجة للآخر. وبالمثل لا يمكن ضرب الفساد دون تعميق الديمقراطية، ولن تنجز القوى الديمقراطية برامجها بدون أن تعمل على تفكيك شبكات الفساد التي استشرت أيضا على المستويات القاعدية، لتتحول إلى شبكات في الآن نفسه للولاء السياسي.
لقد كانت أفضح صور النفاق الإمبريالي ممثلة في الدعاوي الجديدة المتمسحة في قيم الديمقراطية والإصلاح السياسي، وتتمسك باستخدام الوسائل العسكرية لتحقيق مآربها في فرض الاستغلال والاستنزاف والاستعلاء، فلا يكون من نتائج لهذا سوى المزيد من الخراب والقهر والإحباط وتفاقم مشاعر الكراهية والثأر والإرهاب الفردي والجماعي، فضلاً عن الإساءة البالغة لمشاريع التحديث والدمقرطة واحترام التنوع في بلادنا. هكذا تتلاقى نضالات الحركات الاجتماعية العربية على الأصعدة الوطنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية في منظومة واحدة آخذة في التماسك يوماً وراء آخر في وجه عولمة الليبرالية الجديدة والعدوان الصهيوني والاستبداد والفساد والظلامية.
وعلى ضوء الهجمة الامبريالية النيوليبرالية الحالية على المنطقة العربية وتداعياتها على شعوب المنطقة عامة وعلى الفئات العريضة من المجتمع العربي بعماله وفلاحيه وشرائحه الوسطى والنساء والشباب، من المهم التأكيد على الملامح الأساسية لإستراتيجية المقاومة الشعبية والتي تتضمن:
أن التغيير الديمقراطي هو المدخل الوحيد اليوم لمواجهة التهديد الامبريالي لشعوب المنطقة. فقد عجزت أنظمة الحكم الشمولية عن توفير الحد الأدنى لإمكانية المواجهة. والغريب أن الأنظمة الحاكمة ما زالت رغم ذلك تستخدم حججا من نوع ضرورة حل مشاكل المنطقة قبل موافقتها على إصلاحات ديمقراطية حقيقية. في حين أنها في الواقع تبدي استعدادات واضحة لتنازلات في المصالح والأمن القومي مقابل استمرارية سلطتها السياسية. كما تمارس سياسة تحجيم الرفض الشعبي العربي للعدوان الأمريكي والإسرائيلي. والشعوب العربية هي المعنية بهذا التغيير الديمقراطي، وهي لا يمكن أن تثق بدعاوي الإصلاحات الديمقراطية الصادرة عن قوة دولية تمارس سياسة الهيمنة على المنطقة بالقوة العسكرية والاحتلال المباشر.
ويتضمن التغيير الديمقراطي إلغاء القوانين الاستثنائية وتأكيد الحريات العامة، وتحرير الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني من القيود الحكومية وغيرها من المطالب الديمقراطية التي تستهدف تأكيد المشاركة الشعبية والوصول إلى التداول السلمي للسلطة في البلاد العربية عبر الانتخابات العامة وهو أداة لتمكين الشعوب العربية من مواجهة التهديد الخارجي لسيادتها الوطنية، كما هو أداة لتمكين كافة الشرائح الاجتماعية الشعبية من الدفاع عن مصالحها وحقوقها الاقتصادية والاجتماعية التي تتعرض لعدوان خطير من الهجمة الإيديولوجية والسياسية والاقتصادية لليبرالية الجديدة.
إن المطلب الأول والأساسي اليوم هو إنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق، والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، وتظل مقاومة الاحتلال حقا مشروعا بكل أشكال المقاومة المتاحة. ويناصر المنتدى الاجتماعي العربي نضال الشعبين العراقي والفلسطيني عن طريق حشد التأييد الشعبي في البلاد العربية وكشف وفضح الممارسات الإجرامية الأمريكية الإسرائيلية، ومنها فضائح تعذيب الأسرى العراقيين ومجازر الإبادة الجماعية والتدمير العشوائي للمدن واستهداف المستشفيات وأماكن العبادة والمدنيين بشكل قصدي مثلما تم في الفلوجة، وما يماثلها من الجرائم الإسرائيلية اليومية وخاصة في غزة ورفح، بالإضافة لجريمة مصادرة أراضي الفلسطينيين وتقسيمها إلى كانتونات بواسطة الجدار العنصري الفاصل الذي أدانه محكمة العدل الدولية والجمعية العامة ولكنه لا زال يحظى بحماية الولايات المتحدة الأمريكية ومنها قانون تعقب معاداة السامية الذي يمثل أعلى أشكال العنصرية والذي تتعدى مخاطره الوطن العربي لتشمل الإنسانية كلها. ويسعى المنتدى الاجتماعي العربي بالتنسيق مع المنتدى الاجتماعي العالمي وكافة منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في بلاد العالم إلى تنظيم محاكمة شعبية لمجرمي الحرب إن تعذر تقديمهم لمحكمة رسمية بسبب سحب الولايات المتحدة توقيعها للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية لتحصين جنودها من جرائم الحرب.
إن استراتيجيات الإفقار والتبعية الاقتصادية التي تفرضها الليبرالية الجديدة على المنطقة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وباستخدام أدواتها من مؤسسات دولية كصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية هي إستراتيجية عدوانية ضد الشعوب وضد الشرائح الاجتماعية الواسعة التي تتعرض للإفقار والتهميش بما تتضمنه تلك الإستراتيجية من تحرير التجارة للمنافسة بين قوى اقتصادية غير متكافئة وتشجيع الاستثمارات الخارجية وحركة رؤوس الأموال بلا قيود أو ضوابط، وإضعاف وإلغاء دور الدولة حيث لا تعترف الليبرالية الجديدة إلا بحكومة عالمية واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية، والخصخصة وتسريح العاملين، وزيادة الفوارق الاجتماعية، وإلغاء مجانية الخدمات المعترف بها منذ سنوات بعيدة كحقوق إنسانية إلخ...
وبينما تصور تلك الديماجوجيا نفسها كالممكن الوحيد، فإن البديل التنموي الجاد الذي ينتمي لمصالح الشعوب يتضمن أولوية تعبئة مواردها المحلية، وبالحد من الاستهلاك الترفي والسفيه للشرائح المستفيدة من العولمة، وتوجيه الإنتاج لخدمة الاحتياجات الأساسية للمواطنين، مع الاهتمام بتكامل هياكل الاقتصاد وليس تفكيكها وحمايتها عندما يقتضي الصالح الوطني وليس تضحية بها على مذبح المنافسة غير المتكافئة دائما أو الخصخصة الإجبارية في أحيان كثيرة.
إذا كان المشروع الأمريكي لليبرالية الجديدة (الأمركة) يسعى إلى تفكيك المنطقة وتفتيت دولها و"بلقنتها" كما نشاهد في العراق والسودان، فإنه يسعى من جهة أخرى لدمج تلك الكيانات المفتتة والمقسمة في عملية تكامل إقليمي ودولي أوسع تحت هيمنتها وهيمنة حليفتها الإستراتيجية إسرائيل. وهذا هو المغزى الفعلي لمشروعها الشرق الأوسط الكبير والمشروع المتوسطي والمتوسطية وليس أدل على طابع الهيمنة في هذا المشروع من دمجه في مخططات حلف شمال الأطلنطي (الناتو) علنا وذلك وفق ما تضمنه إعلان قمته الأخيرة في اسطنبول ويتمثل ذلك في الدمج القسري للكيان الصهيوني في اقتصاد المنطقة العربية عبر فرض اتفاقيات المناطق المؤهلة (الكويز) لإحكام سيطرة الكيان الصهيوني على الأداء الاقتصادي العربي. ويكشف ذلك عن أن المخطط الأمريكي هو مخطط لفرض توجهات على المنطقة قسرا مضادة لتكاملها وتطورها الحقيقي، مما يدفعنا لرفض كافة المؤسسات المنبثقة عن هذا المخطط وآخرها ما أعلن عن تشكيله باسم "منتدى المستقبل".
إن مصالح الشعوب العربية وإن كانت تقتضى التكامل بينها في إطار تكامل أشمل لبلدان الجنوب بمعزل عن الهيمنة الامبريالية بل في مواجهة هذه الهيمنة ينبغي ألا تجعلنا نغفل أن السعي نحو الوحدة لا يعني إنكار التمايز أو عدم اعتراف بواقع التعدد الأثني والثقافي. إن هذا الاعتراف جزء رئيسي من أي برنامج ديمقراطي، وإذ كانت الولايات المتحدة تسعى لاستخدام هذه التمايزات لتضخيمها في اتجاه تفتيت الكيانات القائمة في الوطن العربي وأفريقيا وغيرها إضعافا للدول القومية فإن الحل الديمقراطي الوطني هو الاعتراف بالتعدد مع القبول للوحدة، مع تنمية متوازنة لمختلف مناطق الوطن.
إن افتقاد هذه الشروط الموضوعية هو الذي يمكن للتدخل الخارجي وهذا هو درس أزمة دارفور الحالية في السودان. ولا يمكن درء المخاطر الخارجية المحدقة والتي قد تؤدي إلى التفتيت إلا باستيعاب ذلك الدرس.
إن التصدي للأمركة الليبرالية الجديدة ممكن، والسياسات الفعلية البديلة لها موجودة من حيث الأساس، ولكنها تتطلب لبلورتها في الميادين المختلفة مشاركة واسعة للحركات الاجتماعية العربية ذاتها.
ملحق 4- التقرير الصادر عن للمنتدى الاجتماعي المغربي في دورته الأولى ( بوزنيقة 2001):
تبلورت فكرة ميلاد وتأسيس المنتدى الاجتماعي المغربي بمبادرة من مجموعة من الفعاليات المساهمة في المنتدى الاجتماعي العالمي الثاني سنة 2001، حيث تم تشكيل لجنة الإشراف التي أعدت المنتدى الاجتماعي المغربي الأول ببوزنيقة، حيث تم التفكير بعد ذلك في توسيع لجنة الإشراف وتشكيل مجلس توجيهي موسع يضم مختلف الهيئات والجمعيات وطنية ومحلية من مختلف الاهتمامات والمجالات للعمل ليشمل انشغالات واهتمامات وقطاعات متنوعة منها:
-النقابات – الحركات الاحتجاجية – حقوق الإنسان – الامازيغية – الشباب – الحركة النسائية – العمل عن قرب – العمل التنموي...
شكل المنتدى الاجتماعي الأول "مغرب آخر ممكن " ببوزنيقة فضاء غنيا للنقاش والتفكير و تبادل الآراء والتجارب فقد ضم أكثر من 400 مشاركة ومشارك يمثلون منظمات وحركات اجتماعية وفعاليات مختلفة قدموا من مختلف الجهات بالمغرب باختلاف وتنوع اهتماماتهم كما استفاد المنتدى الاجتماعي بالمغرب من عطاءات ومساهمات مناضلين جمعويين ونقابيين حضروا من الأرجنتين، هولندا، بلجيكا، فرنسا، إسبانيا، النيجر، السنغال، تونس، مصر، لبنان وفلسطين .لقد ساهمت هذه الدورة بتأكيد المعالم الأولى للمشروع التنموي الذي يدافع عنه المناضلون الجمعويون الفاعلون في الحركة الاجتماعية بالمغرب, مشروع تنموي تتحقق معه العدالة الاجتماعية، والديمقراطية والحرية، واحترام حقوق الإنسان, ويضمن التعددالثقافي.
إنها التنمية التي تلغي العسكرة ، والإقصاء والفقر، وتحارب الأمية والتهميش وعدم المساواة بين الأجناس والثقافات. كما اعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من هذه الحركة العالمية الاجتماعية التي تناضل كي يصبح عالم آخر ممكنا. وعبر عن تضامن الجمعيات المغربية المشاركة مع الشعبين الفلسطيني والعراقي في مقاومتهم للعدوان الصهيوني والأمريكي، ودعا لتكثيف المبادرات التضامنية مع الشعبين. وحرصا من المنتدى الاجتماعي المغربي على تجذر مبادرة تنظيم المنتدى على المستوى المحلي، فإنه دعا لتطوير كل أنماط التحسيس والتعبئة في صفوف المواطنات والمواطنين بشكل يسمح بتفعيل القوة الإقتراحية وتشجيع العمل المشترك.
ومن تم قرر برمجة سلسلة من المنتديات المحلية عبر مختلف جهات المغرب ، يستهدف المنتدى الاجتماعي المغربي بذلك تسهيل انخراط أكبر للحركات الاجتماعية المغربية وللمبادرات المحلية في المستوى العالمي على قاعدة ميثاق المنتدى الاجتماعي العالمي و المنتديات الجهوية والقارية.
ملحق 5:- بيان المجموعة المصرية لمناهضة العولمة حول مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي شرم الشيخ 2006:
يجتمع "المنتدى الاقتصادي العالمي لإقليم الشرق الأوسط"، الشهير "بمنتدى دافوس"، في شرم الشيخ من 20-22 مايو المقبل، بهدف ظاهري أساسي هو الدفع بعملية دمج اقتصاد المنطقة في الاقتصاد العالمي. وتكمن أهمية "منتدى دافوس" في نفوذ وقوة المشاركين فيه. فالمنتدى يعد بمثابة اجتماع تنسيقي يجمع بين كبرى الشركات العالمية مع مندوبي الحكومات والشخصيات السياسية والاقتصادية الحليفة للمشروع الليبرالي، وذلك لتحديد مسار الاقتصاد العالمي، فيما يخدم بالطبع مصالح تلك الشركات. وهو يلعب دورا دعائيا وتعبويا هاما لنشر سياسات الليبرالية الحديثة في العالم.
عضوية المنتدى تتكون بالأساس من حوالي ألف شركة عالمية تم دعوتها للانضمام على أساس أن دخلها السنوي يتعدى المليار دولار. ويحاول منظمو المنتدى الادعاء بأنه منتدى ديمقراطي ومفتوح، فيقومون بدعوة عدد من الصحفيين والمنظمات غير الحكومية للمراقبة، إلا أن عملية انتقائهم تتم بعناية شديدة، فالحقيقة أن المنتدى قد أثبت مرارا أنه لا يحب النقد الجاد. أما عن وضع أجندات الاجتماعات السنوية أو الإقليمية، فإنه لا يحق لأي شركة عضوه أن تشارك في تحضير الأجندات إلا أن تدفع ما يقرب من 320 ألف دولار سنويا!
إن اجتماع الشركات العملاقة وحكومات الشرق الأوسط في مصر لبحث "مشاكل" و"مستقبل" المنطقة الاقتصادي والسياسي يعد إهانة لغالبية شعب مصر وشعوب المنطقة الفقراء الذين لم يوكلوا أغنياء العالم لبحث ما هو أفضل لمستقبلهم الاقتصادي والسياسي، خاصة في وقت تمنعهم حكوماتهم فيه من حق إبداء رأيهم في مستقبلهم هذا.
ولكن لا ينتهي الأمر عند الإهانة فحسب، فالأخطر أن الاجتماع المقبل يلعب دورا هاما في بلورة مشروع "الشرق الأوسط الكبير" السياسي والاقتصادي وفي استمرار دمج اقتصاد إسرائيل في اقتصادات المنطقة العربية، كما يدعو لخصخصة الخدمات الأساسية من التعليم والصحة والمواصلات وغيرها. ولا ننسى أهمية دعوة المنتدى "للاستقرار في المنطقة" بهدف ظاهري هو جذب الاستثمار الأجنبي، والتي تحتوي في مضمونها على العمل على وقف مساندة مقاومة الاحتلال الصهيوني والأمريكي في المنطقة، ولو حتى معنويا.
وبما إن موقف حكومتنا (والتي من بين وزرائها من هم أعضاء في هذا المنتدى) هو الافتخار بإقامة هذا المنتدى على أرض مصر، لاهثة وراء الاستثمارات الأجنبية التي لا تأتي - وإن أتت لن تحسن من حال المواطن الغلبان بل ستزيده فقرا. فيقع على عاتق كل القوى السياسية الشريفة والحريصة على مستقبل شعبنا وشعوب المنطقة إعلان رفضهم لهذا الاجتماع وما يرمز
نقلا عن موقع المنتدى الاجتماعي المغاربي
vendredi 10 juillet 2009
Inscription à :
Articles (Atom)